الشيخ سعيد بن طحنون


هو الشاعر الشيخ سعيد بن طحنون بن شخبوط بن ذياب بن عيسى آل نهيان.
ولد في إمارة أبوظبي وعاش في بداية حياته في كنف والده الذي كان يحكم أبوظبي، إلى أن توفي والده.
فانتقل مع إخوته إلى محضر (مزيرعة) من محاضر (ليوا)، وبعد أن توفي عمه الشيخ خليفة بن شخبوط، وكان أبناؤه لا يزالون وقتئذ صغار السن، اتجه أهالي إمارة أبوظبي إلى الشيخ هلال بن شخبوط، والشيخ محمد بن شخبوط، وكانا طاعنين في السن، وطلبوا منهما تسلم زمام الحكم في إمارة أبوظبي فرفضوا، فطلب أعيان إمارة أبوظبي من الشيخ هلال بن شخبوط أن يرشّح لهم واحداً من أفراد العائلة.
فقال: إن شاء الله وسيأتيكم، وما لبث أن دخل عليهم الشيخ سعيد بن طحنون، فقال: هذا شيخكم الجديد، وحاول الاعتذار حتى أصروا عليه ووافقهم ورافقهم إلى إمارة أبوظبي في سنة 1845م، وكان يمتاز بالذكاء الشديد والبديهة الحاضرة والحزم.
ومن طريف ما روي عنه بعد أن تسلم الحكم ومضى على حكمه أربعين يوماً، اجتمع أعيان الإمارة وأجمعوا على إرسال شيخ قبيلة المرر الشيخ محمد بن حمد المغيربي المرر ليباحثه في عدم خروجه لرعيته وعدم تفقده أحوالهم منذ أن تولى حكمهم.
فحضر شيخ المرر إلى الشيخ سعيد بن طحنون، وبعد أن تناول معه القهوة طلب الشيخ سعيد من شيخ المرر أن يباريه في لعبة الحالوسة، وهي لعبة تحتاج إلى الذكاء فكانت بداية اللعب من قبل شيخ المرر، وفي تحريكه للعبة ارتجل بيتين من الشعر يختبر بهما الحاكم الجديد فقال:
ذي ديرة ما اعرفت من لافيها    ولا اعرفت من فيها ومن لافيها
سفينة تجري بلا سكاني          لولا دقيق الغزل ملى فيها
فعندما أتى دور الشيخ سعيد بن طحنون قاله له على البديهة:
تجري يلي عاد الحبال صحاحي       ولب عاد ليحان السفين نصاحي
ولي ما يعرف الجد من لأمزاحي      يكضم خوافيها على ما فيها
وعندما اقتنع شيخ المرر بأن الحاكم الجديد هو الرجل المناسب في المكان المناسب، ذهب إلى أعيان القوم مبشراً لهم بما حدث.
ويقول المؤرخون أن حقبة حكم الشيخ سعيد بن طحنون امتازت بالحزم والعدل، وانتهت مدة حكمه في سنة 1955م، حيث إنه اعتزل الحكم واتجه إلى جزيرة قيس بعد خلاف نشب بينه وبين أعيان الإمارة، مما أدى إلى فراغ سدة الحكم في الإمارة، واتجه الأعيان إلى الشيخ زايد بن خليفة بن شخبوط طالبين منه أن يتسلم زمام الأمر في الإمارة فقبل الشيخ زايد بن خليفة بن شخبوط على أن يعاهدوه على السمع والطاعة.

الشاعر علي القصيلي


هو علي بن محمد القصيلي المنصوري.
ولد في سنة 1935 م تقريباً، وكانت ولادته في منطقة بينونة التي تقع في الناحية الشرقية من منطقة الظفرة، وكان يسكن في منطقة (الرقيب)، وهي شرق غياثي، ثم انتقل مع عائلته إلى مدينة (غياثي) الحالية التي هي مقر سكناه الآن، وأما في المقيض فيسكن محضر عتّاب.
رعى الإبل في صغره وشبابه وعني بزراعة النخيل في (ليوا)، وقد كان للصحراء ونقائها أثر عظيم في سعة مداركه، كما أكسبته ثقافة عامة جعلته ملما بمسالكها والتعامل معها ومعرفة فصولها وحيواناتها ونباتاتها، وكذلك معرفة النجوم والأنواء، كما طبعت روحه على حب الخير وتقديم العون وغير ذلك من العادات العربية الأصيلة المتوارثة كالكرم والشجاعة والإجادة والتضحية والتعاون.
وهذه المعاني وردت في أشعاره وازدحمت بها، وكذلك أعطته الصحراء الأمل في موقع اليأس كما أعطته الأنيس والرفيق متمثلا في الناقة في عسرة الوحدة والضياع والفراق، فحدثها ورسم صورتها وشكى لها وعني بها وحملها سلامه لمحبوبته، وكذلك بمساعدته على قطع الفيافي والقفار.
ثم لما شب عوده ترك حياة الصحراء ليلتحق بـ(المديد) أي الغوص على اللؤلؤ، فخاض غمار البحر على ظهر سفن الغوص ينتقل من (هير إلى هير)، أي من مغاصة إلى أخرى وهو يعمل بمهنة (سيب)، أي الرجل الذي يقف على سطح السفينة وبيده حبل (اليدا) لكي يسحب الغواص من قاع البحر بسرعة، وبقي على هذا إلى أن جاءت بشائر رزق آخر في البلاد وهي الشركات التي تبحث عن النفط فالتحق للعمل بـ(الكموم)، أي معسكرات العمل الصحراوية، وكان ذلك في عام 1953 م، حيث عمل مع مجموعة من الجيولوجيين الذين ينقبون في المناطق النائية وهم بحاجة إلى أدلاء يعرفون المنطقة.

الشاعر ابن عتيج

الشاعر ابن عتيج
                      هو الشاعر سعيد بن راشد بن سعيد بن عتيج الهاملي.
ولد في محضر (حوايا) الذي يقع في بطانة ليوا، ويبعد عن ليوا شمالاً بمسافة 20 كيلومتراً، في سنة 1875م تقريباً.
شبّ وترعرع في بادية الظفرة، فكان يتنقل مع أهله في صحرائها الواسعة وواحاتها المتناثرة، حتّى كبر، وكان أبوه يعمل في صناعة (البدود)، والبد هو حشية من ليف النخل تصنع لتوضع على ظهر الناقة فيما يلي الشّداد، لأن الليف بارد، فهو مناسب للناقة في وقت الحر بخلاف (السدو) المنسوج من الصوف الذي يؤذي الناقة ويزيدها حرارة.
وأما ابن عتيج فعمل في الغوص وعمل في رعي الإبل، وعمل كذلك في زراعة النخيل والاعتناء بها، ومن الأعمال المهمة التي عمل بها والتي أكسبته خبرة في الحياة وجعلته يحتك بكثيرٍ من الناس هي مهنة (اليمال) وهي نقل المسافرين على ظهور الجمال من ساحل البحر إلى بادية الظفرة أو محاضر ليوا وبالعكس.
إن آثار هذه المهنة وما أنتجته من علاقات عاطفية ظهرت واضحة في قصائد بن عتيج وأنتجت جميل القصائد ومنها رائعته (صاح ابزقر لمنادي)، التي بدأ الشاعر فيها يقف على الشاطئ يراقب فتاته وهي بين جمع المحتشدين على صدر السفينة التي ستبحر بها إلى الجزر بعد أن كانت منذ قليل تركب معه ليوصلها وأهلها إلى هنا، لقد كاد قلب الشاعر أن يفر من صدره وراء تلك الفتاة، وكادت نفسه تزهق حسرة عندما سمع نداء ربان السفينة وهو يأمر بالإبحار والانطلاق في البحر، غير عابئ بذلك الذي يقف شبه مقتول على الشاطئ دون أن يحس أحدٌ بما في صدره من عواطف.
اشتهر ابن عتيج بأنه من شعراء الإمارات المرموقين، ووجدت أشعاره صدى طيباً في نفوس أبناء مجتمعه قديماً وحديثاً، واعترف له الشعراء بعلو مرتبته الشعرية وكفاءته العالية.
ويروى أنّ والده لم يكن محباً للشعر ولا يرغب في أن يكون ابنه شاعراً، ولكن موهبة الولد كانت تزاحمه، وكانت تتدفق بالشعر أمام الناس فوصل خبر ذلك إلى والده، وتواترت الأخبار عن شاعرية ولده.
وفي يومٍ من الأيام كان الوالد مشغولاً بمهنته يصنع البدود، وكان ولده سعيد من حوله فقال له الوالد: سمعت أنك تقول الشعر، فابتسم الولد غير منكرٍ للخبر، وهو يعلم أنّ ذلك لن يسر والده فقال الوالد: يا سعيد إذا كنت شاعراً فهات لي شعراً تذكر فيه البد، وإن فعلت فلك أن تكون شاعراً وسأكون سعيداً بذلك.
ففكر ابن عتيج قليلاً ثم قال:
كوسٍ مهبه بدي           غبا وطى ورمال
من كلّ عدب وندي          شل أربع يفال
وأصبح هواه أمردي         عنده شراحة بال
وأنا أجسدي ملتدي         حاني شرى لهلال
عن وصلهم لا بدي         في أسعود إمن الليال
على ابكراتٍ ضدي         ومن الربخ ذبال 
وفور انتهاء سعيد من قصيدته قال له والده: إنك شاعر يا بني ولن أقف في سبيل شاعريتك، ولكن عليك باحترام كلمتك ولا يخرج منك إلا الكلام الطيب، فان الكلمة إذا خرجت من الفم لا يمكن ردها.
وعُرِفَ عن ابن عتيج كذلك كما برزت أشعاره صفاته وطباعه، أنه كان محباً لوطنه، وأكثر من ذكر مرابعها ومحاضرها ومواردها ومعالمها في أشعاره .
ويروى أن ابن عتيج كان يعد نفسه وجماعة من أترابه وأصحابه للثأر من غزاة كانوا هاجموهم من قبل ، ولم يكن لديه سوى قعود اسمه (أبو سولع)، ولم يكن هذا القعود يصلح لأن يغزي عليه.
وفي ليلةٍ رأى ابن عتيج في منامه أنه قد ضُرِبَ بالرّصاص فأصيب في صدره، وأنه يضع يده على جرحه الغائر حتى أصبح يتنفس منه، وفي الصباح أخبر صديقه أحمد بن بليد المرر بما رأى، وأنه متشائم من ذلك ويشعر بأن منيته قريبة.
وكان لابن عتيج أخت أرملة ولها ابنتان هما: موزة بنت مبارك، وفرير بنت مبارك، وكان المسوؤل عنهن، فأوصى صديقه أحمد بن بليد بالبنتين وأمهما، وفي الصفري توجه بن عتيج إلى ليوا وهناك صادف غزاة من المناصير ومن بني ياس، وكان معهم قماش بن جديد المنصوري يركب ناقة معروفة باسم (الصفيره)، التي يملكها بن كنيش الهاملي، وكان قماش قد استعارها منه ليغزوا عليها وقد جهزها بكل ما يلزم الغازي من زاد وعتاد.
فطلبها بن عتيج منه ليغزوا عليها؛ لأنّ قعوده لا يتحمل السفر والغزو والمشقة، فقدمها قماش لابن عتيج بما عليها جاهزة للغزو، بينما قعد قماش ولم يذهب مع الغزاة.
ولما حصلت المعركة بين القوم وحمي الوطيس، وتبادلا الفريقان الرمي بالرّصاص، كان ابن عتيج يضرب ببندقيته وهو واقف، وأصحابه ينادون عليه: اتّق، اتّق يا بن عتيج عن الرمي، وقد حدث ما توقعه بن عتيج فقد قتل في هذه الغزوة التي وقعت على الأغلب في الأراضي العمانية، وذلك في سنة 1919م، فعاش 44 سنة ولم يتزوج.